شباب كلميمة-إلى أين..؟
وأنا جالس في أحد مقاهي الانترنت، فإذا بصديق لي يجلس بالقرب مني، وبدأ يحاورني ببعض الأسئلة الغريبة، حيث سألني في البداية هل تعرف موقع يحتوي على أغاني شعبية؟ أجبته لا أعلم ، ثم سألني هل تعرف موقعاً اليكترونياً يحتوي على الأفلام والألعاب؟ أجبته بنفس الإجابة الأولى لا أعرف، ثم وقف، وكأنه يتأمل في شيء، ثم سألني من جديد سؤالاً غريبا هذه المرة، حيث سألني عن برنامج إليكتروني يستطيع من خلاله اكتشاف ما يدور من حوار في أي جهاز من أجهزة ذلك المقهى، وكالعادة كان جوابي لا أعلم.
كان يتحدث معي، وأنا في ذهني أتخيل وأفكر، ماذا يعلم هذا الشخص عن الوقائع التي تقع في بلدنا، وماذا يعلم عن الأخبار التي تتعلق بالمغرب أو بالعالم العربي و الإسلامي، بالتأكيد، وبدون أي شك لن يعلم أي شيء، لأن ما يقوم به أثناء دخوله إلى الشبكة العنكبوتية هو الدخول إلى مواقع الأغاني والأفلام، أو أن تجده في أحد مواقع الألعاب يعيش مع لعبته ويستمتع بوقته. وإما أنك سوف تجده مع دردشة الإمسن في حوارات مطولة، في مواضيع رومانسية، تجعله يعيش الحب عير شاشة الحاسوب التي لا تمكّنه حتى من إلقاء النظر إلى من حوله، نظراً لما يعيشه في حواراته، ومدى متابعته لذلك الصندوق الذي يحرر فيه كلامه ليرسله إلى مخاطبه، ثم ينتظر الإجابة منها، وهكذا، إلى أن يفاجأ بأن عدة ساعات قد مرة وكأنها دقائق، ثم يغلق الجهاز بسرعة، ويذهب لأداء الغرامة المالية لصاحب المقهى، بعدما عاش تلك الساعات مع عشيقته في العالم الافتراضي، وهكذا ينصرف من حيث أتى دون أن يستفيد حتى من قراءة بعض الأخبار التي تقدمها أغلب المواقع الإخبارية.
حينها، استحضرت كلام أحد الأساتذة، عندما كان يحدثنا على دور الشباب في تقدم الدول، فكيف إذن سوف تتقدم كلميمة ما دام أساسها، الذي يتمثل في فئة الشباب غير مؤهل لتحمل المسؤولية، وأصبح شباب هذا الوقت؛ شباب ضعيف مستسلم ومهزوز الشخصية، لا يعول عليه، بعدما كان شباب كلميمة قدوة لكل المغاربة، نظرا لتميزهم المشهود له في الدراسة، حيث كانوا متفوقين في دراستهم، فمنهم من اعتل مناصب كبيرة في معظم المدن المغربية، ومنهم من استطاع بفضل تميزه إكمال دراسته في الخارج وتحصيل شهادات عليا.
أما الآن، شباب عاطل، مدمن لكافة أنواع المخدرات، جاهل فكريا وأدبيا، وأغلبهم لا يستطيع حتى كتابة جملة واحدة بدون أخطاء إملائية، وعندما تكلمه عن أخبار هذا البلد أو في أمور سياسية، تفاجأ بأنه يحدثك على السيرة الذاتية لأحد الفنانين كأنه عاش معه لحظة بلحظة، أو أنه سوف يخبرك على مجريات أحد حلقات المسلسلات التركية التي أصبح حتى الشباب مدمنين عليها، بعدما كانت حكراً على البنات فقط.
هذا هو واقع شباب اليوم، أصبحوا مدمنين على أمور كثيرة لن تفيدهم بأي شيء، ومثلاً على ذلك، وغير بعيد على كلميمة، أصبحنا نلاحظ، خصوصاً يومي السبت والأحد، أنّ المقاهي تكون ممتلئة بالشباب، لأنهم أصبحوا مدمنين أيضاً على متابعة الدوري الاسباني لكرة القدم؛ كمتابعة البنات وحبهنّ للمسلسلات التركية بعدما كنّ يتابعنّ المسلسلات المكسيكية، هؤلاء الشباب الذي كان من المفروض أن يتسابق لقراءة الكتب والدواوين والإلمام بمختلف المدارس الفكرية والنظريات الفلسفية والثورية، أصبح اليوم مدمن على أمور تافهة لن تفيدهم بأي شيء.
أين شباب اليوم من شباب الستينات والسبعينات، الذي تجاوز الفقر والتهميش، في سبيل النجاح والتفوق والتغير، لهذا كانوا حينها مسلحين بالعلم والإرادة، فدرسوا وصبروا ونجحوا وتفوقوا وثاروا وسجنوا وعذبوا، وكل ذلك لأجل هذه المدينة، وهذا الوطن.
أما جيل اليوم، فسلاحهم هو الأغاني والأفلام والرسائل الغرامية في هواتفهم التي تصل إلى مكالمات غرامية مسجلة في بعض الأحيان، وهذا ليس بالغريب، على جيل «الهيب هوب»، الذي أصبح يتنكر حتى لملابسه وأصبح يرتدي ملابس لطالما كنا نراها خاصةً بالبنات فقط، وهو ذلك السروال الذي يسمونه بالسليــم، الذي يبدو موضةً لذا جيل هذا العصر.
كان ذلك الشاب الجالس بالقرب مني، ينظر إلي، بنظرة الاستغراب، لأنني لم أجبه على أي سؤال كان يطرحه علي، لكن ورغم ذلك، تعمدت تجاهله، وكأنني مشغول بقراءة احد المواضيع بالمنتدى، وحينها، قررت أن أساله، فاستدرت وأنا مبتسم، وسألته هل تعلم ما هي المنتديات، أجاب قائلاً: «تنعرف غير ... تنحمل منو شي أفلام وشي ألعاب»، استغربت لأنه يعرف ما هو المنتدى، لهذا وجهة إليه سؤالي الثاني وهو، هل تعرف موقعاً إخبارياً، أجاب، «لا معندي مندير بداكشي أصاحبي»، جواب لم أكن أتوقعه، لكن هذا هو حال شباب اليوم.
كربوني بتصرف نداء موجه لشباب كلميمة ونواحيها (تينجداد-تيلوين-تاديغوست) عامة و لشباب اعثمان-حي الزاكي-خاصة
____________________________________________________